إشراقات أدبيةالنثر

الوصايا السبع بقلم الأديبة هبة وفيق الأحمد

الوصايا السبع..
استيقظت بعد انتظار طويل للفجر ليحيا ويستمد نوره من شمس عينيها؛ توضأت بماء المغفرة ..رممت ماتبقى من وجهها المسكون به..بسملت باسمه لتعيذ نفسها من مرارة الفقد ..أطلقت سراح البوح ..الأحلام الغير شرعية بعد فتح أقفال صناديق الكتمان الموصودة بلعنة أبدية بمفاتيح الخيال ..
استحضرته روحا ..ارتشفت من قهوة عينيه …زينت شعرها بزهرة ابتسامته ..طافت حول كعبة روحه عليها السلام ..رجمت الغياب بسبع جمرات باكيات يتقاطر الشوق من أصابع لهفتهن …صاح في وجهها الغياب ..:سيان عندي أن ترجميني وتحوليني لصمت كهل ينتظر سقوط آخر ورقة من أوراق حكايته الحزينة أو أن تنعيني بحروفك لأثور في وجهها ببنادق الأشواق ورصاص الإنتظار فتقدسني وأصبح إلها لها ..تلك الجمرات التي رميتها لتغسلي آثام الحنين ولتقلبي آلام حنايا الضلوع ذات اليمين وذات الشمال … سأخطها سبع وصايا لغائبك الحاضر..علي أشفيك من لعنة الاحتمالات المغروسة في خافقك التي تلسع أوصالك مع كل نبضة..
أيها الغائب الحاضر..
تلك … ما ألفت يوما طعم السلام هي وطن جريح طالته الهزيمة تحت راية نصر عقيمة ..وطن نشيده يردد في صدى تائه مليء بالطرقات الوعرة ..وطن جنوده كذبة…خيراته تسبى حدوده صرخة بكماء منسوجة من خيوط لعبة ماكرة ..كن لها وطنا…
تلك…تزرع كل يوم بذور الشوق في غابة السحر البعيدة هناك في الأفق ترويها من شذرات اللهفة المتساقطة من غيم روحها ترعاها وتغني لها تهويدة الهيام…كن لها أغنية….
تلك…تجلد روحها آلاف المرات بسياط الحنين فتمتلئ روحها بكدمات التوق لرؤياك تحولها لبسملات ونذور وبركات كي لاتتعافى منك ..كن لها داء ودواء..
تلك…تهرب كل يوم من وجهها المغلف بآلاف الخيبات تحاول إخفاء أنين خذلان لامبالاتك كطفل لقيط مرمي على قارعة رصيف العار مازال يتغذى من حبله السري يحاول بشتى الطرق ألا يفطم منه وبقلبه ألف صرخة لوم وألف دمعة عتاب…كن لها ثورة أمان و حنان…
تلك…تصنع من ضفائرها مشانق خيبة …تمزق صكوك الصلح مع الغفران..وتقدس خطاياها وروحها الأمارة بك مع كل دقة شغف…كن لها روحا…
تلك…تقتات كل يوم من خبز قرارت خائبة في أن توصد أبواب نبضها بوجهك بمفاتيح النسيان وترميها في أزقة الخيبة لكنها سرعان ماتعود لتزرع ماتبقى عالقا في أحلامها من ابتسامتك المقدسة في شفتيها ..كن لها بسمة …
تلك…ترتل تعويذات استلتها من عينيك في جنائز الحيرة وتحمل أوتار قلبها نعش هواجس مخاوفها من مرارة فقدك والحرمان من رعشة نبضها عند كل مرة ترى فيها ابتسامة عينيك ..تردد آيات ذكرك من أعلى برج الغياب ليتيه صوتها في أزقة عرجاء يتكدس فيها أنين ونحيب قيثارة بعد أن لاح في أفقها صورة الوداع ..كن لها لقاء ومن ثم حياة …

هبة وفيق الأحمد .

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى