آداب الماضي الجميل بقلم: “محمد عبد الفتاح السوسى”
آداب الماضي الجميل ……!! في الماضي كان الاقتراب من هاتف المنزل
محظوراً و ممنوعا إلا على الوالدين و إذا رن الهاتف
تتعالى أصواتهم بالآمر من بعيد لا أحد يرد
في الماضي كان الأب عملاقا كبيرا
نظرة من عينه تخرسنا و ضحكته تطلق أعيادا في البيت..
و صوت خطواته القادمة
إلى الغرفة تكفي لأن نستيقظ
من عميق السبات
في الماضي كانت المدرسة التي تبعد كيلومترات
قريبة لدرجة أننا نمشى إليها كل صباح
و نعود منها كل ظهيرة
لم نحتاج إلى باصات مكيفة
و لم نخش على أنفسنا
و نحن نتجول في الحارات
في الماضي لم تكن هناك جراثيم على عربات التسوق
و لم نعرفها في أرضيات البيوت
و لم نسمع عنها في إعلانات التلفزيون
و لم نحتاج لسائل معقم ندهن بيه ايدينا كل ساعتين
لكننا لم نمرض
في الماضي كانت للأم سلطة
و للمعلم سلطة
و للمسطرة الخشبية الطويلة سلطة
نبلع ريقنا أمامها
و هي و إن كانت تؤلمنا
لكنها جعلتنا نحفظ جزء عم
و جدول الضرب
و أصول القراءة و كتابة الخط العربي
و نحن لم نتعد التاسعة من العمر بعد
في الماضي كان ابن الجيران يطرقُ الباب و يقول
( أمي تسلم عليكِم و تقول عندكم بصل .. طماطم .. بيض .. خبز )
إخوان في الجوار و الجدار و حتى في اللقمة..
في الماضي كانت الشوارع بعد العاشرة مساءً تصبح فارغة
في الماضي كان الستر في الوجوه الطيبة الباسمة
و كانت أبواب البيوت مشرعة للجيران
و الترحيب يُسمعُ من أقصى مكان
و كنا نتبادل أطباق الطعام
و الآن نتبادل الشكوك و سوء الظن!!
و الآن عرفتم مين الطيبين اللي راحوا ؟؟
نعم إنها الأنفس التي تغيرت
و أعمتها الحضارة كما يقولون
حضاره ألبستنا أرقى أنواع الملابس..
و لكنها قامت بتعريتنا من كل شئ جميل في حياتنا
محمد عبد الفتاح السوسى