إشراقات متنوعةالمقال

عزيزي الرجل بقلم: “مي العشري”

عزيزي الرجل

أنت لاتحتاج أن تتحكم في امرأة لتثبت إنك رجل ، فأنت رجل كامل مكتمل بذاتك ، لافي حاجة لأي شيء خارجي أو كيان خارجي لتشعر برجولتك ، فإعطاءك الحرية لزوجتك ، اختك ،ابنتك لاينقص من رجولتك شيئا ، أنت فقط مكلف أن توفر لهم الحماية ،فهذا الصراع الذي تقيمه يوميا مع زوجتك لتثبت إنك رجل بتحكمك فيها وانتصارك عليها لايثبت لها أبدا إنك رجل بل بالعكس إنه يكشف نقصك الدفين الذي تعاني منه في أعماقك ، عقدة الرجل الشرقي التي تبرمجت عليها أودت بحياتك وحياة الكثيرين مثلك من الرجال إلى الجحيم بل وملايين الأسر …

عزيزي الرجل…

أنت ضحية برمجة فكرية مجتمعية أقنعوك فيها إنك أن منحت المرأة الحرية فأنت إذن ناقص الرجولة ، وطالما زوجتك امرأة خلوقة تتقي الله وتحفظ نفسها فلما لاتمنحها الحرية الكاملة ، الحرية في الرأي والتفكير والتعبير إلخ …
لم لا ؟!! طالما امراتك تلزم حدودها الربانية وتتقي ربها، إن تقييدك وتحطميك لها لن يجعل منها ابدا امرأة محترمة ، ولن يجعل منك ابدا رجل كامل الرجولة ، بل بالعكس إنه يعبر عن برمجتك ليس إلا ، تلك البرمجة التي تلقنتها دون وعي منك ، فأصبحت تستمد قيمتك من تقييم المجتمع لك ونظرته لك ، إنك تحاول أن ترضي المجتمع ليس إلا…
ثم ماذا لو لم يكن هناك أناث في الخارج فعلى من ستكون رجلا إذن ؟!!

لتعلم جيدا أنك رجلٌ لأنثاك وليس رجلا عليها ،و أن رجولتك وقوتك الحقيقية في احتواءك لها بكل حب وتفاهم ومنحها حريتها مع البقاء على حمايتها، بتصالحك مع الأنثى التي بداخلك التي تنكرها وتقمعها بشكل دائم ، أقنعوك إنه عليك ألا تظهر مشاعرك لأنها ضعف ، أخبروك أن الرجل لايبكي حتى أصبحت كالإنسان الآلي لايشعر …
نعم أنت بداخلك شخص حنون لكن تخشى إظهار هذا كي لاتبدو ضعيفا من وجهة نظرهم ،فكبتت الرحمة واللين والتعاطف وغلفتاهما بقناع من القسوة والخشونة لأنك تخشى ألا تكون رجلا إذا بدأت بإظهار حُنوٙك وتعاطفك مع أسرتك ، ولك في رسول الله أسوة حسنة فقد كان رحيما بزوجاته وبناته وكان مثالا حيا للرجولة الحقيقية فهو القائل صلى الله عليه وسلم (رفقا بالقوارير) ..

عزيزي الرجل …

إن كبتك للمرأة يعني كبتك للحياة ، يعني كبتك للأنثى التي بداخلك ، لأنك حينما تتصالح مع الأنثى التي بداخلك ستتصالح لا إراديا مع الأنثى الموجودة خارجك ، أنت قوي بحبك وحنانك واحتواءك لأنثاك وليس بقمعها وكبتها وقهرها .، وصدقني أنت المستفيد الأول لأن حرية زوجتك ستنعكس على حياتك وحياة أولادك بالبهجة والسعادة والحب ، فلا يمكن أن تمنح أنثى مقموعة لزوجها السعادة ولا أن تمنح أنثى مكبوتة لأبنائها الحرية بل ستخلق منهم عبيدا جُدد ، فكيف لامرأة مكبوتة أن تمنح أبناءها حرية الفكر والرأي والتعبير ؟!!!

عزيزي الرجل …

بكبتك للأنثى التي بداخلك ابتعدت كثيرا عن ذاتك الحقيقية ، فأصبحت كيانا فصامي يشعر بالتعاسة والغربة الدائمة والفراغ الروحي..

عزيزي الرجل …

عُد لفطرتك ، انظر في أعماقك لترى فأنت مكلّٙف بحماية الأنثى واحتوائها وليس كبتها وقهرها كما برمجوك فهذه أناك المزيفة المُبرمجة التي تدعوك لذلك …

عزيزي الرجل ..

تصالح مع الأنثى التي بداخلك لتتصالح معها في الخارج أيضا فتدبُّ الحياة من جديد فيك وفيمن حولك ،فلا أحد يمكنه أن يكون سعيدا وهو بعيدا عن حقيقته ….

عزيزي الرجل …

أكتب لك هذا المقال وأنا اعلم جيدا أن الكتابة خٙلق ، فرُبما كان مقالي هذا ميلاد بعثا جديدا لك ..

بقلم / مي العشري

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى