متفرقات

__اللباس التقليدي القبائلي “الجبة القبائلية” بقلم ” سامية صفاء.ل📝

__اللباس التقليدي القبائلي “الجبة القبائلية “__

اليوم أحمل قلمي المرصع بحبر الذكريات والتراث العربي الأصيل أو بالأخص التراث الجزائري العريق الذي يعكس صورة المجتمع في أعلى مراتب ثقافتها وحضارتها .
التراث هو النمط المعيشي الذي ينتهجه المجتمع ويقدسه ليبقى سيرة متوارثه بين الأجيال.
حيث تعد بلدي الجزائر من أعرق البلدان المعروفة بتنوع مناطقها وعاداتها وتقاليدها وتراثها فهي قارة بأكملها .

وعليه في هذا المقال أدير البوصلة إلى منطقة القبائل “ثامورث نلقبايل” تقع شرق الجزائر وتغطي عدة ولايات .
وأهم ما سأتكلم عنه هو الزي القبائلي التقليدي أو الجبة القبائلية ” تاقندورث نلقبايل” الذي يزخر الحضارة القبائلية الجزائرية، ويعتبر من مكونات الثقافة الأمازيغية ، وهو عنوان الأصالة والصمود والشهامة لدى المرأة القبائلية وجزء لا يتجزأ منها .
حيث تبرز هذه “الجبة القبائلية” مبادئ النسوة المتشبثة بالعادات والتقاليد العريقة ، التي ترسم الاحترام والأصول وحشمة المرأة وأنوثتها .
“تاقندورث نلقبايل ” هي أصالة منقوشة في قلوب حرائر القبائل وتستعمل بكل فخر وإعتزاز منذ القدم وإلى يومنا هذا رغم التطور الذي طرأ عليها إلا أن كل جزء فيها يعبر عن الأصالة المحفورة فيهم .
تشدنا الجبة القبائلية وتلفت لنا الإنتباه لنسرح في هذه اللوحة الفنية العريقة ،هذه اللوحة المرسومة بأيادي النسوة فهي مصنوعة من قطعة قماش حريرية أصيلة تكون طويلة لتغطي الجسد كله رمزا للحشمة والسترة ، بالإضافة إلى الحواشي المختلفة أحجامها والأشكال التي تضفي عليه رونقا من البهاء .
أما ألوانها البراقة والزاهية المستوحاة من الطبيعة فهي تروي لنا العديد من الحكم والمعتقدات .
” الأصفر ،الأخضر ، الأزرق ، البرتقالي ،الأحمر القان والأسود القاتم ” .
-حيث يرمز اللون الأصفر إلى لون الشمس التي تعد “مصدر القوة والطاقة ” و أما اللون الأخضر يرمز إلى” الأمل وتجديد الحياة ” ويرمز اللون الأزرق إلى “الحرية ” ويطغى على هذه الجبة اللون البرتقالي فهو حقا رمز “للمقاومة والشهامة والصمود ” .
كما يزيد من جمال هذه الجبة الحزام الحريري المنفصل الذي يلف حول الخصر وتسمى ” أمنديل ”
أو المحرمة “تمحرمث” وتستعمل أيضا لتغطي الرأس .
كذلك لهذا الحزام الحريري ” أمنديل ” رمزا مميزا فالجبة القبائلية هي خريطة مدروسة بعناية فقد صبت المرأة فيها كل أحاسيسها وجمالها ؛ فهو يعبر عن المرأة حيث بهذا الحزام تستطيع التفريق بين المرأة المتزوجة والعازبة .
المرأة المتزوجة تلفها حول خصرها كإشارة في الأعراس أو في القبيلة على أنها متزوجة ، وأما الفتاة العازبة تربطها في الجانب الأيمن أو الأيسر عكس المتزوجة التي تربطها تحت السرة .
وتضاف للجبة القبائلية بعض الأحجار الكريمة والحلي وقطع المرجان الأحمر والمجوهرات الفضية القبائلية الزاهية بألوان الجبة المتكونة من :

– القلادة “أزرار”

-الأقراط “ثيمنقوشين”
-الأساور “أخلخال”
-الخاتم “ثيخودام”
-كذلك عقد الجبين” ثعصابث”
الجبة القبائلية لا تقتصر على السيدات فقط ،بل حتى الفتيات فترسخ في أذهانهم كرمز للثقافة الأمازيغية الأصيلة منذ نعومة أظافرهم لتحيا في قلوبهم فهي رمز للأنوثة .
تتميز أيضا الجبة القبائلية بأصناف عديدة حسب الأجواء والمناسبات .
فالجبة العادية التي تلبس في جلّ الأيام تكون ذات تطريز خفيف وتساعدهم أيضا على أعمالهم المنزلية بكل أريحية ، أما الجبة التي تلبس في المناسبات مثل الأعراس والولائم والأعياد والمناسبات والوزيعة
تكون بتطريز ثقيل ومزينة بالمجوهرات المناسبة لكل مناسبة خاصة بها لتزيد من بهاء وأنوثة النسوة القبائل .
حيث نتكلم عن مناسبة جد خاصة ، ففي رأس السنة “يناير” تتزين المرأة بالجبة القبائلية و تضيف لها “أمنديل” لتظهر بكامل جمالها وتعبيرا عن الفرح والسرور .
وكذلك تقوم المرأة بتزيين مائدتها بأشهى الأطباق التقليدية وتجتمع كل سكان المنطقة لإحياء هذه الذكرى في لمة بهيجة ، والكل يشرف على إخراج موائد الطعام والشراب ، وتبادل عبارات التهاني في جو تضامني بين أفراد القبيلة .
فيجتمع الرجال في الخارج و النسوة في داخل المنزل في صورة كأنهن أزهار مختلفة في حقل البرية فكل منهم تلبس الجبة بأزهى ألوانها وتتزين بأجمل الحلي والمجوهرات تعبيرا ورمزا للعادات و التقاليد المرسخة بينهم ورمزا لأنوثة وصمود المرأة القبائلية الجزائرية .
ويجلسن يهللن ويغنين في تلك الأمسية :
” يناير أمربوح اك ايمازيغن
اذعومن لفوروح ذق اسانون
يناير امقاس اك ايمازيغن
ثلويث لعالي ذي ثودارثنون …”
-وتعني عباراتها:
” يناير مبارك لكل الأمازيغ
يعم الفرح في أيامهم
يناير مبارك لكل الأمازيغ
ويعم الهناء في حياتهم ”
مع ضرب الدف والتصفيق لخلق جو الفرح والتعبير عن سعادتهم .

أخيرا ، لايوجد من لا يعرف الجبة القبائلية ، فكل من يرى هذه التحفة الفنية يعرف بأنها لباس تقليدي خاص بنساء القبائل الحرائر ، تبقى الأضواء كلها مسلطة عليه بالرغم من وجود العديد من الألبسة التقليدية الأخرى .

سامية صفاء – ل
الجزائر

الإدارة

صحيفة جزائرية إلكترونية ورقية أدبية فنية ثقافية شاملة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى